| 
مناهضة التعذيب: مسؤولية جماعيةمحرر الموقع مقدمة التعذيب هو أحد أبشع الجرائم التي تنتهك الكرامة الإنسانية، وتتعارض مع كافة القيم الأخلاقية والقوانين الدولية. إنه ليس فقط اعتداء على جسد الإنسان، بل هو أيضاً تدميرٌ لنفسيته، وإهانةٌ لإنسانيته، وتخويفٌ للمجتمع بأسره. ولهذا، فإن مناهضة التعذيب لا يمكن أن تُترك لأفراد أو منظمات بعينها، بل هي مسؤولية جماعية تستدعي تضافر جهود الجميع، من مؤسسات الدولة إلى المواطنين العاديين. أولاً: المسؤولية القانونية للدولة تقع على عاتق الدولة المسؤولية الأولى والأساسية في منع التعذيب، من خلال التشريعات التي تجرّمه بوضوح، وآليات المحاسبة التي تردع من يمارسه. كما يجب أن تلتزم الدولة بالاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وتضمن استقلال القضاء، وتوفر سبل الانتصاف للضحايا. ثانياً: دور المؤسسات التربوية والإعلامية تلعب المدارس والجامعات دوراً مهماً في ترسيخ قيم حقوق الإنسان لدى الأجيال الناشئة. فكلما تعزز الوعي بالكرامة الإنسانية وبخطورة التعذيب كجريمة لا تسقط بالتقادم، زادت مقاومة المجتمع له. أما الإعلام، فيجب أن يتحمل مسؤوليته في كشف الانتهاكات، وإيصال صوت الضحايا، ومحاسبة الجناة، لا في تبرير القمع أو تزييف الحقائق. ثالثاً: المجتمع المدني والضمير الفردي المنظمات الحقوقية، والنقابات، والجمعيات المهنية، كلها تلعب دوراً محورياً في التوثيق والمناصرة والتوعية. لكن الفرد نفسه له دور لا يقل أهمية، من خلال التبليغ، والتضامن، ورفض الصمت. لأن الصمت عن الجريمة هو مشاركة فيها، وخلق بيئة تُشجع على تكرارها. رابعاً: ثقافة اللاعنف والعدالة مناهضة التعذيب تبدأ من رفض العنف كوسيلة للتعامل، سواء في الأسرة، أو المدرسة، أو المجتمع. تبدأ من إرساء ثقافة الحقوق، وتربية جيل يحترم الآخر، ويؤمن بالعدالة والمحاسبة، لا بالانتقام أو الاستقواء. فبناء مجتمع خالٍ من التعذيب يبدأ من القيم التي نغرسها يومياً. خاتمة مناهضة التعذيب ليست شعاراً، بل التزاماً أخلاقياً وإنسانياً وقانونياً. هي معركة طويلة تتطلب وعياً، وجرأة، واستمرارية. عندما يدرك كل فرد أنه مسؤول، وأن صمته قد يساهم في استمرار الجريمة، يصبح الطريق نحو مجتمع عادل أكثر وضوحاً. فلنعمل جميعاً، أفراداً ومؤسسات، على أن تكون الكرامة الإنسانية خطاً أحمر لا يُمس. |